تواجه مصر أزمة معيشية شديدة، حيث فقد الجنيه المصري قوته الشرائية وتجاوز التضخم 310% منذ 2015، وارتفعت الأسعار ثلاث مرات، بينما انخفض متوسط الأجر بالدولار من 456 إلى 163 دولاراً، مما زاد الفجوة المعيشية.
شهدت مصر خلال السنوات العشر الماضية أزمة معيشية غير مسبوقة، حيث فقد الجنيه المصري الجزء الأكبر من قوته الشرائية في مواجهة موجة تضخم عاتية.
ووفقاً لتحليل بيانات البنك المركزي والمؤسسات الدولية، تضاعفت الأسعار أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2015، فيما فشلت الأجور في مجاراة هذا الارتفاع الكبير، مما خلق فجوة معيشية خانقة بين الدخل والإنفاق.
تشير الأرقام الرسمية إلى أن التضخم التراكمي تجاوز حاجز 310% خلال العقد الماضي، وهو ما يعني ببساطة أن ما كان يكلف 100 جنيه في 2015 أصبح يتطلب اليوم أكثر من 400 جنيه للحصول عليه.
ووصلت وتيرة التضخم إلى ذروتها عام 2023 عندما سجلت 33.9%، قبل أن تبدأ في التراجع التدريجي لتستقر عند 28.3% في 2024، وهي معدلات تظل مرتفعة تاريخياً.
في المقابل، شهدت الأجور تراجعاً حاداً عند قياسها بالدولار، حيث انخفض متوسط الدخل الشهري من 456 دولاراً في 2015 إلى 163 دولاراً فقط في 2023،
أي بنسبة انخفاض تصل إلى 64%. أما عند النظر إليها بالجنيه المحلي، فقد ارتفعت الأجور بشكل شكلي من حوالي 1000 جنيه أسبوعياً إلى 1251 جنيهاً، لكن هذه الزيادة تبدو هزيلة أمام تضاعف الأسعار أكثر من ثلاث مرات.
أسفرت هذه الفجوة الكبيرة عن تغيير جذري في أنماط الاستهلاك، حيث أصبحت الأسر المصرية تنفق أكثر من 40% من دخلها على الغذاء والشراب فقط، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأجبرت هذه الأزمة العديد من الأسر، خاصة من الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، على تبني استراتيجيات مواجهة قاسية تتراوح بين تقليص الاستهلاك والبحث عن مصادر دخل إضافية، وصولاً إلى التفكير في الهجرة كملاذ أخير.
في خلفية هذه الأزمة، تتداخل عدة عوامل رئيسية بدءاً من تحرير سعر صرف الجنيه عام 2016، مروراً بتداعيات جائحة كورونا، ووصولاً إلى صدمات أسعار الغذاء والطاقة العالمية الناتجة عن النزاع في أوكرانيا.
ورغم التوقعات بتراجع تدريجي للتضخم خلال النصف الثاني من 2025 مع استقرار سعر الصرف وتحسن بيئة الاستثمار، تبقى المعضلة الحقيقية في كيفية استعادة التوازن بين الأجور والأسعار لضمان عودة الاستقرار المعيشي للمواطن المصري.
الجيش المصري يتصدى لعملية تهريب مخدرات في البحر الأحمر
