في ظل تصاعد التوتر في طرابلس، لم تصدر أي بيانات رسمية عن المجلس الرئاسي والحكومة بشأن الوضع الراهن، بينما تنشط منصات غير رسمية في نشر أخبار تدعم التصعيد، مع تأكيدات حول تحركات عسكرية محتملة لقوات الحكومة، وبدورهم، سكان تاجوراء أعلنوا رفضهم لتمركز القوات، مطالبين بحلول عاجلة لتفادي مواجهة مسلحة جديدة.
تحت ظلال صمت رسمي غامض، تتحول العاصمة الليبية إلى ساحة للاستعدادات غير المعلنة، حيث تتراقص أنوار المركبات العسكرية في ظلام الليل كشموس مشؤومة تنبئ بعاصفة قادمة.
فمع استمرار انتشار قوات “فض النزاع” عند نقاط التماس بين أحياء زاوية الدهماني وباب بن غشير، تتحول شوارع طرابلس إلى رقعة شطرنج كبرى، تتحرك عليها قطع مسلحة بقواعد صامتة.
في الكواليس، تمضي المفاوضات بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع وكأنها سباق ماراثوني على طريق من الزجاج، حيث تتعثر كل خطوة باتفاق مبدئي على تسليم سجن معيتيقة تحت وطأة خلافات أعمق حول المطار والميناء.
وخلف جدران القصور الرئاسية، يجتمع القادة، حيث تتحول الاتفاقيات إلى حبر على ورق أمام تعنت الأطراف. فمشروع “استعادة سلطات الدولة” الذي أطلقه الدبيبة يتحول إلى كابوس يهدد بابتلاع الجميع، بينما يتمسك جهاز الردع بمؤسساته الحيوية كما يتمسك الغريق بقشة.
وفي الأحياء الشعبية، يعيش الناس على وقع أنباء متضاربة وتصريحات ملغومة، حيث تتحول المنصات الإخبارية إلى ساحات للحرب النفسية.
فمقاطع الفيديو القديمة تعاد تدويرها، والادعاءات تتصاعد مثل أعمدة الدخان، في حين يحاول المواطنون العاديون فك شيفرة الصراع من خلال همسات المقاهي ومساحات التواصل الاجتماعي.
أما البعثة الأممية، فتبدو كطبيب يحاول إنعاش مريض في غرفة الطوارئ، حيث تترنح الدعوات إلى الحوار تحت وطأة التصعيد الميداني.
فتحذيراتها من امتداد النزاع تتعدى حدود العاصمة تتحول إلى نبوءة ذاتية التحقق مع كل تحرك عسكري جديد.
وفي خضم هذا المشهد المتأزم، تعلو أصوات أهل تاجوراء وسوق الجمعة، يرفضون تحويل مناطقهم إلى ساحات للصراع، ويطالبون بوقف هذه المسرحية التي قد تتحول إلى مأساة دموية جديدة.
هكذا تعيش طرابلس على كف عفريت، حيث تختلط أنفاس الحرب برائحة القهوة في المقاهي، وتتحول الحياة اليومية إلى انتظار مجهول، في مشهد يذكر بفترات الهدوء التي تسبق العواصف الكبرى في تاريخ ليبيا الحديث.
تحليل – ما هي سيناريوهات ستيفاني خوري في ليبيا؟
