دعت “هيومن رايتس ووتش” السلطات الليبية لإجراء إصلاحات شاملة في النظام القضائي وإلغاء التشريعات القمعية، مشيرةً إلى تفشي الانتهاكات وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، محذرةً من استمرار الإفلات من العقاب.
دعا تقرير جديد صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات الليبية إلى إجراء إصلاحات شاملة في النظام القضائي، وإلغاء التشريعات القمعية، وتعزيز المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وجاء التقرير، الذي حمل عنوان “ظلم مُتأصل: ضرورة الإصلاح الشامل للعدالة في ليبيا”، في 35 صفحة، حيث كشف عن أوجه القصور الخطيرة في قطاع العدالة الليبي، الذي وصفته المنظمة بأنه “مُتشرذم وقمعي”.
وأكد التقرير على الحاجة الملحة لإصلاح القوانين الليبية البالية، والتي لا تزال تشمل نصوصاً تعود إلى عهد العقيد معمر القذافي، مثل عقوبات الإعدام والجلد وبتر الأطراف.
كما طالبت المنظمة بإلغاء التشريعات التي تنتهك القانون الدولي والإعلان الدستوري الليبي، وإصلاح قانون العقوبات ليشمل تجريم الجرائم الدولية الخطيرة.
وشددت “هيومن رايتس ووتش” على ضرورة ضمان معايير المحاكمة العادلة، ووضع رقابة فعالة على مراكز الاحتجاز، وإنهاء الممارسات التعسفية مثل المحاكمات العسكرية للمدنيين والاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة.
وأشار التقرير إلى الانقسام الحاد داخل المؤسسات القضائية الليبية، حيث تتضارب اختصاصات المحاكم بسبب الاستقطاب السياسي والخلافات بين الجهات القضائية الرئيسية، مثل وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة.
كما حذر من خطر حدوث أزمة دستورية بسبب التنافس بين المحكمة العليا في طرابلس والمحكمة الدستورية العليا في بنغازي.
وأكدت المنظمة أن النظام القضائي الليبي “غير قادر وغير راغب” في التحقيق الجاد في الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية، مما يؤدي إلى تفشي الإفلات من العقاب.
كشف التقرير عن استمرار ظروف الاحتجاز اللاإنسانية في السجون الليبية، التي تدار جزئياً من قبل جماعات مسلحة وقوات شبه حكومية.
وأشار إلى تفشي التعذيب وسوء المعاملة والاكتظاظ، بالإضافة إلى حرمان المحتجزين من حقوقهم القانونية، مثل عدم تمكن المحامين من مقابلة موكليهم أو الحصول على وثائق المحكمة.
كما ربطت المنظمة بين العنف الأخير في طرابلس، الذي شهد اشتباكات دامية بين الميليشيات في مايو الماضي، وغياب آليات العدالة الفعالة.
وأشارت إلى اكتشاف مقبرة جماعية تحتوي على 53 جثة مجهولة، بينها تسع جثث لرجال ونساء، مما يؤكد الحاجة الملحة للمساءلة القضائية.
وذكرت المنظمة أن مجلس الأمن أحال الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2011، إلا أن ثمانية أشخاص مطلوبين من قبل المحكمة لا يزالون طلقاء، بينهم سيف الإسلام القذافي وأسامة نجيم، المتهمان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ودعت “هيومن رايتس ووتش” السلطات الليبية إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك اعتقال وتسليم المطلوبين، كما حثت مكتب المدعي العام للمحكمة على إعادة تقييم الجدول الزمني للتحقيقات لضمان تحقيق العدالة.
وقالت حنان صلاح، المديرة المشاركة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة: “بتقاعسها عن الإصلاح القضائي، تدير السلطات الليبية ظهرها للعدالة وتسمح للإفلات من العقاب أن يسود”، وأضافت: “الانتهاكات التي نوثقها ليست معزولة، بل تعكس خللاً هيكلياً في المؤسسات القضائية، ولا يمكن معالجة الإفلات من العقاب دون إصلاح هذه المؤسسات”.
وأكدت المنظمة أن الإصلاحات العاجلة ضرورية لوقف الانتهاكات المستمرة وضمان العدالة للضحايا، داعية إلى مشاركة فقهاء القانون والمنظمات المحلية والدولية في صياغة تشريعات عادلة تتوافق مع المعايير الدولية.
رحيل أيقونة الفن الليبي حميدة الخوجة