كشفت هيومن رايتس ووتش عن إعادة 3800 مهاجر قسراً إلى ليبيا ووفاة 400 آخرين في المتوسط، ودعت الاتحاد الأوروبي لتعزيز عمليات الإنقاذ وإنهاء دعم القوات الليبية.
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير صدر اليوم الثلاثاء عن انتهاكات جسيمة تتعلق بمعاملة المهاجرين غير النظاميين في البحر المتوسط، حيث أشارت إلى إعادة أكثر من 3800 مهاجر قسراً إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية على يد قوات ليبية مدعومة من الاتحاد الأوروبي.
كما أبلغت عن وفاة وفقدان ما لا يقل عن 400 شخص آخرين في عرض البحر.
وجددت المنظمة الحقوقية دعوتها للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بالإضافة إلى وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس”، إلى إعطاء الأولوية لعمليات إنقاذ الأرواح في البحر، بدلاً من اتباع سياسات تعتمد على الردع، وأكدت أن هذه السياسات تؤدي إلى عواقب إنسانية كارثية.
وفي هذا السياق، انتقدت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في “هيومن رايتس ووتش”، ما وصفته بـ”سياسة الإغراق البغيضة” التي يتبعها الاتحاد الأوروبي لتحقيق أهداف الردع، وأضافت: “يتعين على الاتحاد الأوروبي العودة إلى قيمه الأساسية والإنسانية من خلال اعتماد عمليات فعالة للبحث والإنقاذ في البحر، وإنزال المهاجرين في أماكن آمنة”.
كما سلط التقرير الضوء على حادثة سفينة الإنقاذ “جيو بارنتس”، التي تديرها منظمة “أطباء بلا حدود”، والتي تعرضت لتدخلات خطيرة خلال مهمتها في سبتمبر الماضي.
وذكر التقرير أن طاقم السفينة أنقذ 206 مهاجرين، معظمهم من إثيوبيا وإريتريا وسوريا، رغم تهديدات بإطلاق النار من قبل زورق دورية ليبي.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن السلطات الإيطالية قامت باحتجاز سفينة الإنقاذ في ميناء لمدة 60 يوماً، بدعوى عدم امتثالها لأوامر السلطات الليبية.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت “أطباء بلا حدود” أنها ستوقف استخدام سفينة “جيو بارنتس” بسبب القيود القانونية والسياسية التي تفرضها إيطاليا، بما في ذلك أوامر بإنزال المهاجرين في موانئ بعيدة، مما جعل استمرار عمل السفينة “مستحيلاً”.
ومع ذلك، أكدت المنظمة عزمها العودة إلى عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط في أقرب وقت ممكن.
وأجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلات مع 11 ناجياً من المهاجرين الذين كانوا على متن سفينة “جيو بارنتس”، وكشفوا عن تعرضهم لمعاملة وحشية في ليبيا، بما في ذلك الابتزاز والعمل القسري والتعذيب والاغتصاب في مراكز الاحتجاز الليبية الرسمية أو أثناء احتجازهم لدى المهربين.
وأشار الناجون إلى أن العديد منهم احتجزوا أكثر من مرة بعد اعتراضهم في البحر من قبل القوات الليبية والتونسية.
وأكدت المنظمة أن الاتحاد الأوروبي قد تخلى إلى حد كبير عن مسؤولياته في مجال البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، رغم الأدلة الواضحة على الانتهاكات الفظيعة التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا.
وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يواصل دعم جهود القوات الليبية لمراقبة القوارب وإعادة المهاجرين إلى ليبيا، خاصة من خلال المراقبة الجوية التي تقوم بها “فرونتكس” فوق البحر المتوسط.
كما لفتت المنظمة إلى أن هذا النموذج من التعاون المسيء يتكرر مع دول أخرى مثل تونس ولبنان، حيث يواجه المهاجرون انتهاكات خطيرة، بما في ذلك خطر الترحيل رغم احتمال تعرضهم لمزيد من الأذى.
ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، تم الإبلاغ عن أكثر من 31,300 حالة وفاة أو فقدان في البحر المتوسط خلال العقد الماضي، بما في ذلك نحو 2,300 حالة في عام 2024 فقط.
وكان ديسمبر الماضي أكثر الأشهر دموية في العام الماضي، حيث فقد 309 أشخاص على الأقل حياتهم أو اختفوا في البحر. ومنذ بداية عام 2025، بلغ عدد المفقودين في البحر نحو 100 شخص، بينهم ثمانية أطفال.
وفي أكتوبر الماضي، أطلقت “هيومن رايتس ووتش” حملة بعنوان “مع الإنسانية”، دعت خلالها وكالة “فرونتكس” إلى اتخاذ خطوات ملموسة لاستخدام تكنولوجيتها وخبرتها في إنقاذ الأرواح.
وشملت الدعوة إرسال مواقع القوارب المنكوبة التي ترصدها طائرات الوكالة بشكل منهجي إلى سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية، وإصدار تنبيهات طوارئ بناء على تعريف واسع لمعنى الاستغاثة.
واختتمت سندرلاند تعليقها بالقول: “الأشخاص الذين يخوضون هذه الرحلات الخطيرة يفرون من المشقة والانتهاكات، لكنهم أيضاً يسعون لبناء مستقبل أفضل، إذا أتيحت لهم فرصة عادلة، فإن معظم الذين يصلون ويبقون سيساعدون أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم الجديدة”.
ليبيا تحتضن مؤتمر حول الهجرة لبحث سبل إنهاء مأساة المتوسط