إسرائيل شنت فجر الجمعة ضربة جوية واسعة على مواقع قالت إنها عسكرية ونووية داخل الأراضي الإيرانية، في عملية وصفتها بأنها “استباقية”، فيما توعدت إيران بردّ قوي.
وحذّر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، من تداعيات “قاسية” ستطال إسرائيل نتيجة هذه الهجمات، قائلاً: “مع هذه الجريمة خطّ الكيان الصهيوني لنفسه مصيراً مريراً ومؤلماً وسيناله بالتأكيد”.
ومن جهتها، أكدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أن “الرد قادم لا محالة”، مشيرة إلى أن إسرائيل “ستدفع ثمناً باهظاً” لما أقدمت عليه، بحسب المتحدث باسم الهيئة أبو الفضل شكارجي.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل شخصيات بارزة من بينها قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وقائد مقر “خاتم الأنبياء” اللواء غلام علي رشيد، والعالم النووي فريدون عباسي، ومستشار المرشد الإيراني علي شمخاني، إضافة إلى عدد من المدنيين، وفق ما نقلته وسائل إعلام إيرانية رسمية.
ووفق الجيش الإسرائيلي، فقد شاركت أكثر من 200 طائرة مقاتلة في العملية، واستهدفت نحو مئة موقع مختلف داخل إيران، من بينها مفاعل “نطنز” النووي في وسط البلاد، حيث أظهرت لقطات بثها التلفزيون الإيراني تصاعد الدخان الكثيف من الموقع، وأكد أن الدفاعات الجوية الإيرانية كانت “تعمل بكامل طاقتها”.
وفي أعقاب الضربات، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، وقال: “نحن نتوقع هجمات صاروخية ومسيّرات إيرانية وشيكة”، كما أُغلقت الأجواء الإسرائيلية بالكامل، ودوّت صافرات الإنذار في عدة مناطق، وسط تعليمات للسكان بالبقاء في الملاجئ.
وجاءت العملية، التي أطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، في وقت كانت تُحضّر فيه العاصمة العمانية مسقط لاستضافة جولة سادسة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، لكن التصعيد الإسرائيلي نسف على ما يبدو هذه الجهود، وأدخل المنطقة في حالة تأهب قصوى.
وسارع البيت الأبيض إلى النأي بنفسه عن العملية، وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن إسرائيل أبلغت واشنطن بالعملية مسبقاً، لكنها “تصرفت بمفردها للدفاع عن نفسها”، وأضاف: “أولوية الولايات المتحدة الآن هي حماية قواتها ومصالحها في المنطقة”.
وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطاب متلفز فجراً، ليؤكد أن بلاده ضربت “قلب البرنامج النووي الإيراني”، واستهدفت منشآت وأفراداً مشاركين في تطوير الأسلحة النووية.
وقال إن “إسرائيل تمرّ بمرحلة حاسمة في تاريخها… العملية العسكرية ستستمر بقدر ما يلزم من الأيام”.
وأشار إلى أن إيران قد خصبت كمية من اليورانيوم تكفي لصنع تسع قنابل نووية، مضيفاً أن تل أبيب “لن تترك هذه التهديدات للجيل القادم”، بل ستتحرك الآن “لضمان بقاء إسرائيل”.
وجاء الرد الإقليمي بسرعة، فقد أغلقت الأردن والعراق مجالهما الجوي بالكامل، وعلّقتا حركة الملاحة الجوية تحسباً لأي تطورات.
وأكدت عمّان أنها “لن تسمح بأن تكون ساحة حرب لأي طرف”، بينما دعت سلطنة عُمان إلى ضبط النفس، ووصفت الغارات بأنها “تصعيد خطير”.
ومن جانبها، دانت السعودية الهجوم واعتبرته “انتهاكاً لسيادة إيران”، ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف التصعيد، وأما حركة حماس، فوصفت الضربة بأنها “تصعيد خطير ينذر بانفجار كبير في المنطقة”.
وفي نيويورك، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه العميق”، ودعا جميع الأطراف إلى “أقصى درجات ضبط النفس”.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% في الساعات الأولى التي تلت الضربة، مع تزايد المخاوف من توسع الصراع إلى ممرات الطاقة العالمية.
وفي ختام خطابه، وجّه نتنياهو رسالة إلى الشعب الإيراني قائلاً: “نحن لا نكرهكم، أنتم لستم أعداءنا، عدونا هو النظام القمعي الذي يحكمكم، وحين يتحرر الإيرانيون من هذا النظام، سنعيد التحالف بين شعبينا”.
بين التهديدات والتصعيد الميداني والدبلوماسي، يبدو أن الشرق الأوسط يقف على حافة تصعيد جديد قد يغيّر ملامح الصراع الإقليمي بأكمله.
قبائل موريتانية تحقق رقماً قياسياً في حجم التبرعات لغزة