11 فبراير 2025

وسط جدل متزايد بين ضرورات الأمن وحماية الخصوصية، وافق مجلس النواب المصري على منح النيابة العامة صلاحيات أوسع لمراقبة وضبط وسائل الاتصال.

ومنح مجلس النواب هذه السلطة للنيابة العامة المصرية، بعد الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي، واشترط أن تكون مدة الإذن 30 يوماً حداً أقصى، مع إمكانية التجديد لمدة أو مدد مماثلة، وذلك طبقا لنص المادة 79 من قانون الإجراءات الجنائية الذي ما زال يثير جدلاً واسعاً.

وتضمنت المادة 79 من قانون الإجراءات الجنائية، السماح للنيابة العامة بالإجراءات التالية: ضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات والمطبوعات والطرود، مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، الاطلاع على محتوى حسابات مواقع التواصل الاجتماعي غير المتاحة للجميع، فحص البريد الإلكتروني، الرسائل النصية والصوتية، والمحتوى المخزن على الهواتف والأجهزة الإلكترونية، وتسجيل الأحاديث الخاصة التي تتم في أماكن مغلقة إذا كانت مفيدة في كشف الحقيقة.

ورغم تطمينات الحكومة بأن المراقبة تخضع لموافقة قضائية، أعرب حقوقيون عن مخاوفهم من أن القانون يفتح الباب أمام مراقبة طويلة الأمد دون مبرر واضح.

وأكد المحامي عاطف عبد المعز، أن النصوص الحالية قد تسمح بمراقبة المواطنين دون اتهام واضح، ما يهدد حرية التعبير، خاصة مع تزايد اعتماد المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي كمتنفس وحيد.

وأضاف عبد المعز أن “انتهاك الخصوصية يجب أن يكون بأمر قضائي وليس بقرار من النيابة العامة”.

وأشار المحامي والحقوقي خالد علي إلى أن المادة 116 من قانون الإجراءات الجنائية تمنح النيابة سلطة تجديد المراقبة دون الحاجة إلى العودة إلى القضاء، مما يعزز هيمنتها على القرارات المتعلقة بالحريات الشخصية.

وانتقد النائب فريدي البياضي رفض البرلمان لطلب تقييد مدد المراقبة، معتبراً أن ذلك يجعل المواطن “متهماً حتى تثبت براءته”.

وفي المقابل، دافعت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب عن القانون، معتبرة أنه يهدف إلى حماية الأمن القومي وليس انتهاك الخصوصية.

وأوضحت في بيانها أن “المراقبة تتم بإذن قضائي مسبب ولمدة محددة، ولا تُستخدم إلا في الجرائم التي تستوجب عقوبات جادة”.

وأشاد وزير العدل عدنان فنجري بالقانون الجديد، مشيراً إلى أنه لأول مرة في تاريخ القضاء المصري يُلزم النيابة العامة بتقديم أسباب واضحة عند إصدار أوامر القبض على المتهمين، وهو ما لم يكن مطلوباً من قبل.

وفي ظل تصاعد الجدل، رأى الخبير التقني مجدي الهنداوي أن “الخصوصية لم يعد لها وجود تقريباً”، لافتاً إلى أن التطبيقات الحديثة تجعل الهواتف أشبه بـ”جاسوس صغير” في جيب كل مستخدم.

وأضاف أن مراقبة الاتصالات ليست جديدة، وأن العديد من الحكومات والشركات تقوم بذلك بشكل روتيني دون الحاجة إلى تشديد القوانين.

وأشار الهنداوي إلى أن السلطات تمتلك أدوات متطورة تمكنها من تتبع أي محتوى تعتبره تهديداً للأمن القومي، حتى في حالة استخدام حسابات مزيفة، وذلك ضمن صلاحيات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

ومع استمرار الجدل حول القانون، تظل التساؤلات قائمة: هل يمثل هذا الإجراء تعزيزاً للأمن أم تقييداً للحريات؟ وبينما ترى الحكومة أنه ضرورة لمكافحة الجرائم، يخشى منتقدوه من أن يؤدي إلى مزيد من التضييق على حرية التعبير في مصر، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الملاذ الوحيد للكثيرين.

آخر التطورات في قضية تعليق عمل هيفاء وهبي في مصر (صور)

اقرأ المزيد