الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض قيود أكثر صرامة على المنتجات الغذائية المستوردة، خاصة تلك المعالجة بمبيدات حشرية محظورة داخل دول الاتحاد.
ويُتوقع أن يكون لهذه الخطوة تداعيات مباشرة على الصادرات القادمة من بلدان شمال إفريقيا، خصوصاً تونس والمغرب ومصر، وفقاً لمشروع وثيقة للمفوضية الأوروبية.
وتحمل الوثيقة، المعنونة بـ”رؤية للزراعة والغذاء”، توجهاً واضحاً نحو تعزيز ما تعتبره المفوضية تكافؤاً في الفرص بين المزارعين الأوروبيين ونظرائهم في الخارج، وتنص على أن بروكسل ستسعى “وفقاً للقواعد الدولية، إلى تعزيز ملاءمة معايير الإنتاج المطبقة على المنتجات المستوردة، خاصة في ما يتعلق بالمبيدات”، وستحرص على “عدم إعادة إدخال أخطر المبيدات الحشرية المحظورة في الاتحاد الأوروبي من خلال المنتجات المستوردة”.
ورغم أن المشروع لا يزال قابلاً للتعديل، فإن المقترحات المطروحة تثير مخاوف مصدري المواد الغذائية إلى أوروبا، الذين قد تتضرر أعمالهم جراء سياسات أكثر حمائية تحت غطاء الصحة والبيئة.
ويُرجّح أن يكون القرار رداً غير مباشر على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، إلا أن تأثيره سيطال شركاء تجاريين رئيسيين، من بينهم دول المغرب العربي.
وتعد أوروبا الشريك التجاري الأول لتونس، إذ تستقبل 69% من صادراتها من الخضروات، و80% من زيت الزيتون، وأكثر من 50% من صادرات الغلال، وتستحوذ الصادرات الغذائية على 52% من إجمالي صادرات تونس الغذائية.
وتستقبل فرنسا 13%، وإيطاليا 20%، وإسبانيا 7%، وألمانيا 4% من هذه الصادرات، فيما تُصدّر تونس 29% للسوق الإفريقية و11% للسوق الآسيوية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد حدّد منذ أكثر من عقد مستويات قصوى لبقايا بعض المبيدات المحظورة، لكن اقتراحاً العام الماضي من المفوضية للاستمرار في السماح باستيراد منتجات تحتوي على بقايا مبيدي “سيبروكونازول” و”سبيروديكلوفين” قوبل برفض واسع، ودعوات برلمانية لتشديد السقوف المحددة لهذه المواد.
وتأتي هذه المراجعة كاستجابة للاحتجاجات التي نظمها المزارعون الأوروبيون، الذين اعتبروا أن الواردات الزراعية القادمة من الخارج تخضع لمعايير أقل صرامة وتخلق منافسة غير عادلة، وتتهم جهات زراعية أوروبية المفوضية بانتهاج سياسة تجارية ليبرالية أضرت بالإنتاج المحلي، فيما تمثل الزراعة نحو 30% من ميزانية الاتحاد.
وقال نائب رئيسة المفوضية للإصلاحات، رافاييل فيتو، إن “الرؤية للزراعة والأغذية هي استجابة قوية لهذه الاحتجاجات”، فيما أكد مفوض الصحة الأوروبي أوليفر فارهيلي أن “لدينا إشارات من البرلمان والدول الأعضاء والمزارعين أن ما هو محظور داخل الاتحاد يجب أن يكون محظوراً أيضاً في الواردات”.
وفي سياق الامتثال لهذه المتغيرات، كانت تونس قد أعلنت قبل أكثر من عام سحب 31 منتجاً من المبيدات والأدوية الزراعية من أسواقها المحلية، في خطوة فسّرتها بأنها تأتي ضمن مراجعة قائمة المواد الفاعلة بما يتماشى مع القيود الأوروبية الجديدة.
ومن المنتظر أن تؤدي الإجراءات الجديدة إلى إعادة رسم خارطة الصادرات الغذائية إلى أوروبا، في ظل استمرار القلق من أن تتحول هذه المعايير البيئية إلى أدوات حمائية تعيق تدفق المنتجات الزراعية من دول الجنوب إلى أسواق الاتحاد.
مصر تترقب 3 مليارات دولار من البنك الدولي