20 مارس 2025

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يعزز سلطاته بتعديلات دستورية تمنحه صلاحيات مطلقة، وسط انتقادات بتهمة تمكين الإسلاميين وتكريس السلطة الفردية، في ظل انقسام سياسي وحرب أهلية مستمرة.

قام الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني، بتعزيز قبضته على السلطة من خلال إقرار تعديلات على الوثيقة الدستورية لعام 2019، مما منحه سلطات واسعة وصلاحيات مطلقة.

جاء ذلك في أعقاب توقيع قوى سياسية وعسكرية، بما في ذلك قوات الدعم السريع، على ميثاق سياسي في نيروبي لتأسيس سلطة موازية للحكومة السودانية.

واعترض خبراء في القانون الدستوري على هذه التعديلات، واصفين إياها بأنها “أجندة سياسية” تهدف إلى تمكين الإسلاميين وتعزيز تحالف الحكومة السودانية معهم، وأكدوا أن هذه الإجراءات تعكس توجهات واضحة نحو تركيز السلطة في يد البرهان وحلفائه.

منحت التعديلات الجديدة البرهان صلاحية تعيين رئيس الوزراء وإعفائه بناءً على توصية من السلطة التشريعية الانتقالية، كما تم تمديد الفترة الانتقالية لمدة لا تتجاوز 39 شهراً، ما لم يتم التوصل إلى توافق وطني أو إجراء انتخابات.

وأصبحت هذه التعديلات سارية المفعول بعد نشرها في الجريدة الرسمية ليل الأحد-الاثنين الماضي.

وتشمل التعديلات تشكيل مجلس السيادة من 11 عضواً، يتم تعيين 6 منهم من قبل القوات المسلحة السودانية، بينما يتم ترشيح 3 أعضاء من قبل الأطراف الموقعة على “اتفاق جوبا” للسلام، مع ضمان تمثيل المرأة وأقاليم السودان.

كما منحت التعديلات البرهان صلاحيات واسعة، منها تعيين وإعفاء حكام الأقاليم وولاة الولايات، ورئيس القضاء ونوابه، وأعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من مجلس القضاء العالي، الذي يعينه البرهان نفسه، بالإضافة إلى ذلك، يحق له تعيين وإعفاء المراجع العام، ومدير الشرطة وهيئة قيادة الشرطة بناءً على توصية من وزير الداخلية، ومدير المخابرات العامة ونوابه.

ومن بين الصلاحيات الجديدة، أصبح البرهان مسؤولاً عن وضع السياسة الخارجية للإشراف على تنفيذها، وإعلان الحرب بناءً على توصية من مجلس الأمن والدفاع، بعد مصادقة السلطة التشريعية. كما يحق له إعلان حالة الطوارئ بتوصية من مجلس الوزراء، على أن تصادق عليه السلطة التشريعية.

ونصت التعديلات على تشكيل مجلس الوزراء من رئيس وزراء وعدد من الوزراء لا يتجاوز 26 وزيراً، يتم تعيينهم من قبل رئيس الوزراء بعد مصادقة مجلس السيادة، باستثناء وزيري الدفاع والداخلية اللذين يتم ترشيحهما من قبل قيادة القوات النظامية.

وألغت التعديلات المادة 16 من الوثيقة الدستورية، التي كانت تتعلق بالتحقيق في جريمة فض اعتصام مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من المتظاهرين، واستبدلت بها المادة 8، التي تنص على “العمل على إنهاء الحروب وتقديم كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوداني للعدالة”.

ومن أبرز التعديلات، دمج جميع القوات المسلحة والعسكرية أو شبه العسكرية داخل القوات النظامية قبل 6 أشهر من انتهاء الفترة الانتقالية، مع تحويل الحركات المسلحة التي تقاتل حالياً إلى جانب الجيش إلى كيانات سياسية.

بدوره وصف الخبير القانوني معتز المدني التعديلات بأنها “تدخل سافر في الجهاز التنفيذي”، مؤكداً أنها تهدف إلى تمكين البرهان وحلفائه من السلطة، وأضاف أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 فقدت قيمتها بعد انقلاب الجيش على الحكومة المدنية الانتقالية في أكتوبر 2021.

وقال الدكتور سامي عبد الحليم سعيد، الخبير في القانون الدستوري، إن البرهان كان بإمكانه إصدار مراسيم دستورية دون الحاجة إلى تعديلات واسعة، مشيراً إلى أن هذه التعديلات كانت “متعجلة” و”لا يوجد مبرر واضح لها”.

وأشار قانوني دستوري طلب عدم الكشف عن اسمه إلى أن التعديلات تعكس توجهات نحو “شراكة بين الجيش والإسلاميين”، مستشهداً بنص يشير إلى أن مصادر التشريع ستكون مبادئ الدين الإسلامي والمعتقدات الدينية الأخرى، ووصف هذه الخطوة بأنها “تطرف في مواجهة الحملة العميقة للحكومة الموازية”.

من جانبه، قال المحامي حاتم إلياس إن التعديلات “لا تمت بصلة للقانون والتشريع”، مؤكداً أنها أنشأت وثيقة دستورية جديدة على أنقاض السابقة. وأضاف أن هذه الإجراءات تهدف إلى “تكريس السلطة بالكامل في يد البرهان وأنصار المؤتمر الوطني”.

منظمة الصحة العالمية تدين تزايد الهجمات على المرافق الطبية في السودان

اقرأ المزيد