قانون المالية 2025 في تونس يثير الجدل بسبب الامتيازات الممنوحة للشركات الأهلية، ويرى المؤيدون أن هذه الخطوة ستعزز التنمية والنمو، بينما يعتبرها النقاد مشروعاً سياسياً لتعزيز نفوذ الرئيس قيس سعيد.
أثارت الامتيازات المالية والضريبية التي أقرها قانون المالية لسنة 2025 للشركات الأهلية، التي أُنشئت بموجب قانون عام 2022 من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، جدلاً واسعاً بين مؤيديها ومعارضيها.
رأى المؤيدون أن هذه الشركات ستساهم في دفع التنمية وتعزيز النمو، بينما اعتبر المعارضون أنها وسيلة لتعزيز نفوذ الرئيس وخلق قاعدة شعبية موالية له.
أوضح المرحبون بإنشاء هذا النوع الجديد من الشركات أن عددها سيرتفع مستقبلاً، وأنها ستلعب دوراً في معالجة مشكلات التنمية المحلية والبطالة.
أما النقاد فاعتبروا أن القانون الذي أنشأ هذه الشركات يحمل في طياته بذور فشلها، ويرونها مشروعاً سياسياً ظرفياً أكثر من كونه حلاً اقتصادياً جدياً ومستداماً.
وأشارت الجهات الرسمية إلى أن الشركات الأهلية تمثل نموذجاً اقتصادياً جديداً يقوم على المبادرة الجماعية والمنفعة الاجتماعية، وصاغه الرئيس سعيد بموجب المرسوم 15 لسنة 2022.
وهدفت هذه الشركات إلى خلق ديناميكية اقتصادية للأهالي في مناطقهم المستقرة لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي.
وبدوره أقر قانون المالية 2025 حزمة جديدة من الامتيازات المالية والضريبية للشركات الأهلية، منها إنشاء خط تمويل بقيمة 20 مليون دينار (6.22 ملايين دولار) لتمويلها بقروض ميسرة.
وأعفى القانون عدد 15 لعام 2020 المتعلق بالشركات الأهلية هذه الشركات من جميع الضرائب لمدة 10 سنوات متتالية، وتمتعت كل شركة أهلية تُنشأ بمنحة شهرية من الدولة بقيمة 800 دينار (250 دولاراً) لمدة سنة واحدة.
وعملت السلطات التونسية على تنقيح قانون الأراضي الدولية لتجاوز الصعوبات العقارية، ومنح الشركات الأهلية أولوية استغلال هذه الأراضي ضمن مشاريعها التنموية.
ونص الفصل 30 من المرسوم الرئاسي عدد 13 المتعلق بالصلح الجزائي على تخصيص 20% من عائدات الصلح الجزائي للجماعات المحلية للمساهمة في رأسمال الشركات الأهلية، لكن لم يتم تفعيل هذا الفصل بسبب تعثر ملف الصلح الجزائي.
وشدد الرئيس سعيد خلال اجتماعاته برئيس الحكومة كمال المدوري وبقية الوزراء على التسريع في إنشاء الشركات الأهلية وتذليل العراقيل التي تواجهها.
أكد الخبير والمستشار السابق في وزارة الشؤون الاجتماعية المكلف بالشركات الأهلية راشد العبيدي أن الشركات الأهلية تطرح نفسها كحل للرفع من نسق التنمية في الجهات التي بقيت الاستثمارات فيها ضعيفة جداً.
وأوضح العبيدي أن إنشاء هذه الشركات يشمل أي قطاع من القطاعات الاقتصادية، وأن ضعف الاقتصاديات المحلية وعجز الدولة عن الاستثمار في مناطق داخلية دفع الرئيس إلى فكرة إنشاء الشركات الأهلية، وأكد أن الهدف الأساسي للشركات الأهلية هو تحقيق الربح والثروة وتوفير فرص عمل مع الالتزام بالمحافظة على البيئة.
واعتبر العبيدي أن هذه التجربة الجديدة ستدفع المواطنين إلى خلق الثروة بجهاتهم حسب خصوصياتها واحتياجاتها، مشيراً إلى أنها تحظى بدعم الدولة لإنجاح التجربة.
بدوره رأى الخبير المحاسب والناشط السياسي المعارض هشام العجبوني أن هذا النمط الجديد من الشركات غير قادر على تحسين نسبة النمو الضعيفة، معتبراً أنها مشروع سياسي ظرفي هدفه تشكيل حزام اقتصادي حول الرئيس سعيد، وأكد أن النظام الحالي يسعى إلى خلق نوع جديد من “الزبونية” و”المحسوبية” باستعمال المال العام وإتاحة مجموعة من الحوافز المالية والضريبية المغرية لهذه الشركات.
وأوضح العجبوني أن أغلب الأشخاص الذين تقدموا لتأسيس هذه الشركات مقربون من السلطة ويطمعون في التمويلات والأراضي، وأن القانون الذي أنشأ الشركات الأهلية يحمل في طياته بذور فشلها، معتبراً أنها فكرة فردية للرئيس سعيد دون أن يكون لها أي صدى في دول تشهد اقتصاداتها نمواً مطرداً.
وأشار العجبوني إلى صعوبة نجاح شركة أهلية في إدارة خلافاتها والتفاهم بين مجموعة تتكون من 50 شخصاً على الأقل.
وأكد أن الشركات الأهلية لن تمثل شيئاً مقارنة بالشركات الأخرى التي يقوم عليها النسيج الاقتصادي، معتبراً أن الحديث عن مزايا الشركات الأهلية يصب في خانة الدعاية السياسية.
من الجدير بالذكر أن الاقتصاد التونسي كان قد واجه تحديات متعددة تعيق نموه، حيث بلغ نسبة 0.4% في سنة 2023، ويتوقع أن يصل إلى 1.6% في سنة 2024.
استمرت تونس في مواجهة تحديات تلبية احتياجاتها الكبيرة من التمويل الخارجي، خاصة بسبب تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
تونس: وفاة شاب أقدم على إشعال النار في جسده