في خطوة تؤشر إلى إعادة تموضع استراتيجي، لجأ الجيش السوداني إلى خيار إريتريا كبديل لوجستي حيوي، في محاولة لتعويض الخسائر الميدانية التي تكبدها مؤخرا أمام قوات الدعم السريع، ولا سيما في منطقة “المثلث الحدودي” التي تمثل عقدة استراتيجية بين ليبيا ومصر والسودان.
ووفق ما نقلته صحف إثيوبية، أبرزها “ذا ريبوتر” و “ستاندار ميديا”، فإن شحنات من الأسلحة الحديثة شملت طائرات مسيّرة تركية من طراز “بيرقدار”، وأخرى إيرانية من طراز “مهاجر-6″، وصلت بالفعل إلى السودان عبر موانئ ومطارات إريترية، ضمن تفاهم عسكري تم بين مدير جهاز الأمن السوداني الأسبق صلاح قوش والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، خلال لقاء عُقد في أديس أبابا منتصف مايو الماضي.
وتعد هذه التطورات بمثابة خرق واضح للعقوبات الدولية المفروضة على السودان، التي تحظر تسليح أطراف النزاع.
وأكدت المصادر، أن التعاون بين الخرطوم وأسمرا لم يعد مقتصرا على تمرير الأسلحة، بل وصل إلى مستوى “الدعم المباشر”، حيث تستضيف إريتريا طائرات حربية سودانية في مطاراتها، إضافة إلى قطع بحرية تعمل من السواحل الإريترية، وتدريبات مشتركة مع مقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور وكردفان.
وجاءت هذه الخطوة عقب السيطرة السريعة التي أعلنتها قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي على منطقة المثلث الحدودي، والتي تمثل شريانا لتهريب السلاح والهجرة غير النظامية، وكذلك مسارا استراتيجيًا للإمداد العسكري عبر الصحراء من ليبيا إلى شمال دارفور.
وتمثل “كرب التوم”، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع مؤخرا، واحة عسكرية حيوية تقع قرب سلسلة جبل العوينات، وتشكل صلة وصل بين شمال دارفور وبلدة “المالحة” الحدودية، بما يعيد رسم خطوط الإمداد والسيطرة في شمال السودان بشكل كامل.
وبينما يعيد الجيش السوداني ترتيب أوراقه عبر البحر الأحمر، تحذر مصادر دبلوماسية في الاتحاد الإفريقي من أن هذا التحالف الجديد يفتح جبهة موازية للصراع، هذه المرة بين إريتريا وإثيوبيا، على خلفية التنافس على النفوذ والموانئ، في وقت لا تزال فيه أديس أبابا تطالب بحق الوصول إلى البحر عبر ميناء “عصب” الذي تسيطر عليه إريتريا.
يذكر أن المنطقة الحدودية بين السودان وليبيا، المعروفة بـ”المثلث”، تُعد نقطة استراتيجية لتهريب السلاح والبشر، وتشكل عقدة اتصال مع مصر وليبيا عبر الصحراء الشمالية، وطول الحدود بين السودان وليبيا يتجاوز 380 كلم، معظمها صحراوية غير مأهولة، وتفتقر إلى سيطرة حكومية مستقرة منذ اندلاع النزاع في 2023.
ليبيا تستقبل أكثر من 100 ألف لاجئ سوداني منذ أبريل 2023