المحكمة الابتدائية في تونس تصدر فجر الأربعاء، أحكاماً مشددة في قضية “أنستالينغو”، مما أثار موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية والحقوقية.
وشملت الأحكام عقوبات بالسجن لفترات طويلة بحق عدد من القيادات البارزة في حركة النهضة، حيث حُكم على راشد الغنوشي بالسجن لمدة 22 سنة، ورفيق عبد السلام بـ34 عاماً، وسمية الغنوشي بـ25 سنة، بالإضافة إلى آخرين، إلى جانب قرارات بمصادرة ممتلكات وفرض غرامات مالية على عدد من المتهمين.
وتعود أطوار القضية إلى يوليو 2021، حين داهمت السلطات مقر شركة “أنستالينغو” بذريعة تلقيها معلومات تدينها بالاعتداء على أمن الدولة، وتبييض الأموال، والإساءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتهم السلطات الشركة بأنها نفذت حملات إعلامية مشبوهة تستهدف خصوم النظام، وهو ما تنفيه عائلات المتهمين وهيئات حقوقية تعتبر أن القضية ذات طابع سياسي.
وأثارت هذه الأحكام انتقادات حادة من قبل المعارضين للرئيس قيس سعيد، الذين يرون أن القضاء يُستخدم كأداة لتصفية الحسابات السياسية ضد خصومه.
وفي تصريحات وَصفَ القيادي في حركة النهضة بلقاسم حسن الأحكام بأنها “سياسية ظالمة تهدف إلى التشفي واستهداف قيادات الحركة”، مشيراً إلى أن السلطات اكتفت بسجن النشطاء دون تقديم أدلة كافية لإدانتهم.
كما أعرب القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني عن رأيه بأن الأحكام السياسية باطلة حتى تتوفر ضمانات المحاكمة العادلة، مشيراً إلى غياب مجلس أعلى للقضاء ومرسوم منفرد من الرئيس يمكّنه من عزل القضاة، مما يعوق الحديث عن قضاء محايد ومستقل.
ومن جانبه، أكد المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر أن الأحكام “تندرج في نطاق الظلم الصارخ” الذي يعاني منه المعتقلون السياسيون في تونس، معتبراً أن ملف “أنستالينغو” لا يستحق الإحالة إلى القضاء، إذ أصبح القضاء أداة طيعة في يد السلطة التنفيذية، مما يشكل تهديداً خطيراً للحريات العامة.
وتأتي هذه الأحكام في ظل أزمة سياسية مستمرة منذ إعلان الرئيس سعيد تدابير استثنائية يوم 25 يوليو 2021، والتي تضمنت عزل رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي وتجميد عمل البرلمان ثم حله، بالإضافة إلى إلغاء المجلس الأعلى للقضاء.
وقد أثارت تلك الإجراءات جدلاً واسعاً، حيث يتهم المعارضون الرئيس سعيد بـ”الانقلاب على الدستور والديمقراطية” في مسعى لترسيخ حكم فردي مطلق، فيما تواجه السلطات انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية بسبب تراجع الحريات العامة والتضييق على الصحفيين والنشطاء.
وفي هذا السياق، انتقدت نقابة الصحفيين التونسيين الأحكام الصادرة ضد الصحفية شذى الحاج مبارك، والتي حكمت عليها بالسجن خمس سنوات، معتبرةً أن القضية تتشابك فيها الأبعاد السياسية والأمنية، وأنها جزء من حملة شاملة لاستهداف حرية الإعلام في البلاد.
ويرى أنصار الرئيس سعيد أن التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها تأتي في إطار إصلاح مسار الثورة والقضاء على فساد الأحزاب التي حكمت البلاد بعد ثورة 2011، معتبرين أن شركة “أنستالينغو” كانت أداة لتشويه صورة الخصوم السياسيين.
المغرب يواجه تونس وبنين ودياً في يونيو